كتابات

لماذا يعْبَثُ أعْرَابُ الخَليجِ بأرخبيْلِ جُزرِ سُقُطْرى؟

يمن أنباء / كتابات

د. عبد العزيز بن حبتور
رئيسُ مجلسِ الوزراءِ اليمنيِّ

دعُوْنا نقتربْ قليْلاً من فَهمِ المُعادَلةِ التي وضَعَها أعداءُ الشَّعبِ اليمنيِّ بحربِهمُ العُُدوانيَّةِ الضَّروسِ التي ما زالَ سعيرُها مُتَّقِداً منذُ 7 سنواتٍ.

حربُ السَّنواتِ السَّبعِ العِجافِ فرضتْ على المُثقفينَ اليمنيينَ أنْ يُراجعُوا حساباتِهم ومَواقفَهم ومُفرداتِهم.

منذُ أنْ شنَّتْ دُولُ مجلسِ التعاونِ الخليجيِّ قاطِبَةً عدوانَها الوحشيَّ على الجُمهُوريَّةِ اليمنيَّةِ في 26 آذار/مارس 2015م، – باسْتثناءِ سلطنةِ عُمان- وهيَ ترْفعُ يافِطةً إعلاميَّةً سياسيَّةً تحتَ شعارِ إنقاذِ الشَّعبِ اليمنيِّ منْ “جَبَروتِ وطُغيانِ أنصارِ الله” وحلفائهم من أحزابِ المُؤتمرِ الشّّعبيِّ العامِّ، وبعضِ قياداتِ أحزابِ الاشتراكيِّ، والناصريِّ، والبعثِ، والأمَّةِ، والحقِّ، وغيرِها منَ الشَّخصيَّاتِ والقُوى السِّياسيَّةِ اليمنيَّةِ الوطنيَّةِ المُقاومةِ للعُدوانِ “الأعْرَابيِّ – الإسلامويِّ – الأميركيِّ – الصُّهيونيِّ”، وطيلةَ 7 سنواتٍ، يُردِّدُ إعلامُ دُولِ العُدوانِ معَ حُلفائه هذا القولَ، عِلاوةً على الدَّعمِ الماليِّ والسِّياسيِّ والدُّبلوماسيِّ العالميِّ المُنسجمِ كُليَّاً معَ ذلكَ الشِّعارِ المرفوع.

هذا الشِّعارُ يُردِّدُهُ العديدُ منَ البُسطاءِ من مُواطنيِِّ اليمن، وخُصُوصَاً في المناطقِ الواقعةِ تحتَ الاحتلالِ السُّعوديِّ – الإماراتيِّ – الأميركيِّ، ليقولَ بعضُهُم إنَّهُم في المُحافظاتِ “المُحرَّرةِ”. يُردِّدُ هذا القولَ، أو الشِّعارَ البُسطاءُ منَ العوامِّ الدُّهماءِ من مُواطنيِّ تلكَ المُحافظات. وبطبيعةِ الحالِ، لا لومَ عليهم؛ لأنَّهُم أوَّلاً وأخيراً عَوَامُّ بُسَطاءُ لا يُدركونَ مغازيَ أيِّ عُدوانٍ، ومآلاتِهِ في كثيرٍ منَ الأوقاتِ، إلا بعدَ حيْنٍ منَ الزّمان، قدْ يستغرقُ منهُم أحياناً أعواماً، ورُبَّما عُقُوداً، كي يصلوا إلى خُلاصاتِ أهدافِ العُدوانِ على بلدانِهم ومُجتمعاتِهم.*
*لكنَّ اللومَ، – الذي أحياناً يصلُ إلى درجةِ العَتَبِ المصحُوبِ بالإدانةِ المعنويَّةِ والأخلاقيَّةِ – يقعُ على أولئكَ الأفرادِ منَ الطبقةِ المُثقَّفةِ في تلكَ المُجتمعاتِ التي نالتْ حظَّاً وافراً منَ المعرفةِ، واكتسبتْ نَصيباً مُعتبَراً منَ الخبرةِ في مضمارِ السِّياسةِ والثَّقافةِ،التي منَ المُفترضِ أنْ تُشكِّلَ لهُم دَرْعاً واقيةً منَ الوقُوعِ في خَطيئةِ التقييمِ الخاطئ التي قدْ تُقرِّبُهُم، وأحياناً تُدمجُهُم بطبقةِ العوامِّ البُسطاء.

دعُونا نقتربْ قليلاً من فهمِ المُعادلةِ التي وضعَها أعداءُ الشَّعبِ اليمنيِّ بحربِهمُ العُدوانيَّةِ الضَّروسِ التي ما زالَ سعيرُها مُتَّقِداً ومُشتعلاً منذُ 7 سنواتٍ، وهيَ فترةٌ زمنيَّةٌ كافيةٌ للأفرادِ والشَّخصيَّاتِ، وحتَّى الأحزابِ والجماعاتِ، للمُراجعةِ والتقويمِ للوصُول إلى اتخاذِ القرارِ الاستراتيجيِّ على الصَّعيدِ الشَّخصيِّ والعام.

وعَوْدةً إلى عُنوانِ مقالتِنا هذهِ بشأنِ جزيرةِ سُقطرى، وهيَ ليستِ المَرَّةَ الأولى التي نناقشُ فيها موضوعَ الجزيرةِ وأرخبيلِها الاستراتيجيِّ المُهمِّ، نشرتِ القناةُ التلفزيونيَّةُ القطريَّةُ واسعةُ الانتشارِ والتأثير، بتاريخ 18 تشرين الأول/أكتوبر 2021م، برنامجاً مُهمَّاً جدَّاً لمُعِدٍّ يمنيٍّ حشدَ في برنامجِه مجموعةً منَ المُتحدِّثينَ الاختصاصيينَ الأجانب، وعدَداً منَ المُرتزقةِ اليمنيينَ، ومجموعةً من أبناءِ ومشايخِ أرخبيلِ جُزرِ سُقُطْرى، معَ الأستاذ رمزي محروس المُعيَّنِ مُحافظاً على أرخبيلِ سُقُطْرى من قِبَلِ المملكةِ السُّعوديَّةِ؛ دولةِ العُدوانِ الأولى.

ركَّزَ البرنامجُ – الَّذي استمرَّ أكثرَ من 50 دقيقةً – على أطماعِ البسطِ واحتلالِ الجزيرةِ من قِبَلِ شُيوخِ مشيخةِ الإماراتِ العربيَّةِ المُتَّحدة، وبمُساعدةٍ مُباشرةٍ من عُملائِهم ومُرتزقتِهم في جنوبِ اليمن، ممّا يُسمَّى “المجلسَ الانتقاليَّ الجنوبيَّ”، مُستحضِراً مجموعةً منَ الأدلَّةِ والبراهينِ والشَّواهدِ والقرائنِ التي تثبتُ وتقنعُ المُشاهدَ بأنَّ مشيخةَ الإماراتِ العربيَّةِ المُتَّحدةِ بيَّتتْ لذلكَ العُدوان والاحتلالِ حتَّى قبلَ انطلاقِ شرارتِها العُدوانيَّةِ على اليمن في العام 2015م بأعوامٍ سابقةٍ.

والسُّؤالُ: لماذا تمَّ فضحُ الاحتلالِ عبرَ التَّشهيرِ بالإماراتيينَ عبرَ قناةٍ خليجيَّةٍ واسعةِ الانتشار؟*
*أوَّلاً: من خلالِ عرضِ البرنامجِ، أرادَ أحدُ طرفي العَمَالةِ والارتزاقِ لدولِ العُدوانِ (السُّعوديِّ – الإماراتيِّ – الأميركيِّ – الصُّهيونيِّ)، أي مُرتزقةُ المملكةِ السُّعوديَّةِ، فضحَ مُرتزقةِ مشيخةِ الإماراتِ، وقد ْنجحُوا في جمعِ البياناتِ والشَّواهدِ والأدلَّةِ لهذه المُهمَّةِ الإعلاميَّةِ الاستخباراتيَّةِ. لكنْ ما أرادوا تحقيقَهُ يُدركُهُ أبسطُ مُواطنٍ يمنيٍّ منذُ زمنٍ، ورُبَّما بعدَ عامٍ واحدٍ من بدايةِ العُدوانِ، حينَ استبدلَ المُحتلُّونَ الإماراتيُّونَ، بجنودِ “مُرتزقةِ الجنجويد السُّودانيينَ، وجُنودِ البلاك ووتر الأميركيينَ” وغيرهم، جُنوداً مُرتزقةً يمنيينَ أطلقوا عليهم مُْسمَّياتٍ خاصَّةً بالإماراتيينَ، مثل الحزامِ الأمنيِّ في عدن، ولحج، وأبين، ووحداتِ النُّخبةِ الشَّبوانيَّةِ، والحضرميَّةِ، والمهريَّةِ، والسُُّقطريَّةِ، ووحداتِ حمايةِ (الجمهوريَّةِ) بقيادةِ طارق عفَّاش المُرابطةِ في السَّاحلِ الغربيِّ لليمن.

مَنْ هوَ الإنسانُ السَّاذجُ في عُمُومِ اليمنِ كُلِّها الذي لا يعرفُ أنَّ هذهِ الوحداتِ العسكريَّةَ جَميْعَها مُموَّلةٌ ومُسلَّحَةٌ ومُجهَّزَةٌ من قِبَلِ مشيخةِ الإماراتِ المُتَّحدةِ، وتأتمرُ مُباشرةً بأمْرٍ عسكريٍّ منَ الضَّابطِ الإماراتيِّ القابعِ في أحدِ المُعسكراتِ، أو لِنقلْ بمُصطلحِ الغُزاةِ، “مُستعمرات” عدن، أو شبوة، أو حضرموت، أو المهرة، أو مُحافظة أرخبيل سُقُطْرى؟

ثانياً: في يومِ بَدْءِ العُدوانِ الخليجيِّ على اليمن، لم تكنْ مُعظمُ النَشَراتِ والبرامجِ التي تنقلُها تلكَ القناةُ الخليجيَّةُ واسعةُ الانتشارِ تختلفُ عمَّا تنقلُهُ غيرُها منَ القنواتِ الخليجيَّةِ مثل قناةِ “العربيَّة”، و”الحدث”، و”سكاي نيوز عربيَّة”، وقناة مملكة البحرين.كانتْ جميعُها، – وبلغةٍ عدّائيَّةٍ واحدّةٍ – تقذفُ حِممَ مُفرداتِها المريضةِ ضدَّ شعبِنا اليمنيِّ وتاريخِهِ وحاضرهِ، وتقرأُ على طريقتِها، مُتنكِّرةً بتشفٍّ وحِقْدٍ ونُكرانٍ وصَلَفٍ واجبَ الجِيْرَةِ والأخُوَّةِ والعُرْوبةِ والإسلام.

بعدَ عامٍ ونيِّفٍ تقريباً، اختلفَ “الأشقَّاءُ” العربُ المُسلمُونَ، وهُم مُعسكرُ السُّعوديَّةِ ومشيخةِ الإماراتِ والبحرين، ضدَّ إمارةِ قطر وتركيا. وهُنا – من خِلال خلافِ الأخُوَّةِ الأعداءِ، ظهرتِ الرَّحْمَةُ على شعبِنا اليمنيِّ، وخرجتْ دولةُ قطر من مُعادلةِ العِداءِ إلى مُعسكرِ الحياديَّةِ النسبيَّةِ معَ استمرارِ دعمِهم لحركةِ الإخوانِ المُسلمينَ فرع اليمن (حزب الإصلاح).
هذا الخِلافُ العدائيُّ بينَهم ساعدَ كثيراً الرَّأيَ العامَّ في العالم، ليعرفَ حجمَ جرائمِ العُدوانِ على الشَّعبِ اليمنيِّ وحصارِه وتجويعِه.

ثالثاً: إنَّ قادةَ مجلسِ التعاونِ الخليجيِّ – وبسببِ فائضِ القوَّةِ الماليَّةِ الهائلة، بالتزامُنِ مع عجزٍ ظاهرٍ في التفكيرِ الاستراتيجيِّ لإدارةِ الصِّراعِ في إطارِ الجزيرةِ العربيَّةِ، وما هوَ أبعدُ منْها – اعتقدوا أنَّ الوقتَ قدْ حانَ كي يتقاسَمُوا “كعكةَ” جُغرافيا اليمنِ العظيم وتضاريسِه وتاريخِه، ولكنَّ هذا الصُّمُودَ الأسْطوريَّ لليمن وشعبِهِ الصَّامدِ الصَّابر، جعلَ الأخُوَةَ الأعداءَ في عجزٍ ظاهرٍ على تحقيقِ أيِّ نصرٍ على شعبِنا، حتَّى لو كانَ نصراً كاذباً، أو نصراً إعلاميَّاً عابراً. ولذلكَ، اختلفوا حدَّ القطيعةِ والعِداءِ السَّافرِ في ما بينَهم. تلكَ الإرادةُ اليمانيَّةُ الفُولاذيَّةُ هيَ التي صنعتْ مُعجزةَ النَّصرِ المعنويِّ والعسكريِّ في الجُغرافيا والتضاريس التي أنبتتِ الإنسانَ اليمنيَّ بكُلِّ ذلكَ الصَّبر والجَلَدِ والقُوَّة.

رابعاً: حَربُ السَّنواتِ السبَّعِ العِجافِ فرضتْ على المُثقَّفينَ اليمنيينَ أنْ يُراجعوا حساباتِهم ومواقفَهم ومُفرداتِهم،بمَا في ذلكَ منهجُهمُ الثقافيُّ والسُّلوكيُّ، إذْ أصبحَ من غيرِ المقبولِ على أيِّ مُثقَّفٍ أنْ يُردِّدَ تلكَ المُفرداتِ والعباراتِ التي كانَ يردِّدُها في العامِ الأوَّلِ منَ العُدوانِ، وخُصُوصاً بعدَ أنْ تكشَّفَتِ الحَقائقُ والبياناتُ والمعلوماتُ والمُؤامراتُ الصَّادرةُ عن دولِ العُدوانِ وأطماعُهمُ الجشعةُ في اليمن، وحتَّى أولئكَ الأفرادُ والجماعاتُ منَ اليمنيينَ الَّذينَ تحوَّلوا إلى مُرتزقةٍ تابعينَ لدولتي العُدوانِ، ولم يسلموا منَ التعاملِ الدُّونيِّ حدَّ الاحتقارِ منَ الأمراءِ والمَشايخِ الذينَ خدمُوهُم طيلةَ زمنِ الحرب.*
*إذاً، المُراجعةُ الذَّاتيَّةُ للمواقفِ أصبحتْ فرضاً واجِباً على مُثقَّفي اليمنِ العظيمِ الذينَ تاهُوا قليلاً رُبَّما معَ ضجيجِ صخبِ الإعلامِ وارتفاعِ أصواتِ طُبولِ الحربِ، وزمجرةِ أزيزِ الرَّصاصِ المدوِّي*.
المُثقَّفُ الحقيقيُّ هوَ الَّذي ينتمي إلى الفئةِ الأكثرِ تفكيراً وتحليلاً وعَقلاً، وبالتَّالي هوَ الأكثرُ قُدْرةً على تصحيحِ مواقفِهِ ولغتِهِ وتاريخِهِ؛ لأنَّهُ – ببساطةٍ شديدةٍ – يعدُّ أذكى من غيرِهِ من أفرادِ مُجتمعِه. إذاً الأولى بهِ أنْ يتقدَّمَ الصُّفوفَ؛ لفضحِ مُمارساتِ وأساليبِ دولِ العُدوان، وسُلوكِهمُ الشَّاذّ تُجاهَ الشَّعبِ اليمنيِّ.

وما يحدثُ في مدينةِ عدن اليومَ خيرُ دليلٍ وشاهدٍ على المُمارساتِ القَذرةِ الانتقاميَّةِ منها. وقد ظهرَ ذلك جَليَّاً من قِبَلِ مُمارساتِ دولتي العُدوانِ السُّعوديِّ الإماراتيِّ تُجاهَهَا، وبحمايةٍ أميركيَّةٍ غربيَّةٍ صُهيونيَّةٍ.

خامساً: من دُروسِ الحاضرِ الأميركيِّ، وكمثالٍ صَارخٍ منَ الأمسِ غيرِ البعيد، وحتَّى قبلَ أسابيعَ أو أشهرٍ، شاهدْنا كيفَ أنَّ المُحتلَّ الأميركيَّ الغاصبَ – معَ إدراكِنا حجمَ قوَّتِهِ وجبروتِهِ وقوَّةِ أتباعِهِ في العالمِ الغربيِّ كُلِّهِ – هربَ ليلاً بقوَّاتِهِ وعَتادِهِ، وتركَ عُملاءَهُ وجواسيسَهُ ومُخبريهِ منَ الأفغانِ المساكينِ البُسَطَاءِ تائهينَ مذْعُورينَ على مَدْرَجاتِ مطارِ كابول الدَّوليِّ، أو تركهم يتسَاقَطُونَ كالمَتاعِ و”العفش” الفائضِ من بينِ عجلاتِ طائراتِه الهاربة.هكذا هربَ القويُّ الفاجرُ، فكيفَ بأدواتِهِ الرَّخيصةِ في المنطقةِ العربيَّةِ من شيوخٍ وأمراءَ وملُوكِ مجلسِ التعاونِ الخليجيِّ، حينَ تحينُ لحظةُ الانتصارِ اليمانيَّةُ العظيمةُ مُتزامنةً معَ قُدرةٍ ربانيَّةٍ خارقةٍ! هؤلاءِ أتباعُ أميركا الَّذينَ وظَّفُوا لهم مُرتزقةً منَ اليمنيينَ، همُ الأكثرُ رخْصاً في العالم. أينَ سيكونُ محلُّهم منَ الإعراب في المُعادلةِ الوطنيَّةِ اليمنيَّةِ الحُرَّةِ في قادمِ الأيام؟ لدى هؤلاءِ المُرتزقةِ فُرصةٌ واحدةٌ وهيَ أن يتوبُوا ويطلبوا المغفرةَ والصَّفحَ منَ الشَّعبِ اليمنيِّ العظيمِ الذي أساؤوا إليه بعمالتِهم لأعدائه من الأَعْرَاب والصَّهاينة.

سادساً: على المُثقَّفينَ في عدن وبقيَّةِ المُحافظاتِ الواقعةِ تحتَ الاحتلالِ السُّعوديِّ-الإماراتيِّ-الأمريكيِّأن يشْرحُوا للعالم – نعم لكُلِّ العالمِ – حجمَ الظُّلمِ الواقعِ على شعبِنا جرَّاءَ الحربِ العُدوانيَّةِ، وأنَّ ارتفاعَ الأسعارِ والغلاءَ وتذبذبَ سِعرِ العُملةِ اليمنيَّةِ في تلكَ المُحافظاتِ الواقعةِ تحتَ الاحتلال، وانعدامَ الأمنِ، وزيادةَ الاختطافاتِ، وانعدامَ الخدمات، هيَ بسببِ الحربِ العُدوانيَّةِ على اليمن، ولنْ تعودَ الأوضاعُ المعيشيَّةُ والحياتيَّةُ إلى سَابقِ عهدِها، حتَّى يتمَّ إعلانُ وقفٍ فوْريٍّ للعُدوانِ، ورفعٍ للحصار، وأنَّ المُستفيدَ الأوحدَ من استمرارِ الحربِ، همُ المُرتزقةُ وأبواقُهمُ التَّافهةُ المُتناثرونَ في العواصمِ والمُدنِ خارجَ اليمن. هؤلاءِ يستلمونَ رواتبَهم، وكذلك أسرُهم وأبناؤهم، بالعُملةِ الصَّعبةِ الأجنبيَّةِ من عَرَقِ ومُعاناةِ وبؤسِ المُواطنِ الذي يسكنُ ويعيشُ في مُدنهِ وأحيائهِ وشوارعِه وقُراه.

سابعاً: الجُزرُ اليمنيَّةُ كُلُّها- بما فيها أرخبيلُ سُقُطْرى- كانتْ وستظلُّ عَصيَّةً على الغُزاةِ الطامعينَ، بَدْءَاً بالإسكندر الأكبر، مُروراً بجميعِ طُغاةِ العالم ومُستعمريهِ، فجميعُهم فشلوا وعادوا أدراجَهم، وعلى مَنْ تبقَّى منَ العُقلاءِ من دولِ مجلسِ التعاونِ أنْ يتعلَّموا من دُروسِ الماضي، وأنْ يُدركوا أنَّ اليمنَ – منذُ فجرِ التاريخِ – هيَّ بوابةُ خيرٍ وسلامٍ لمَنْ أرادَ أنْ يتعاملَ معهُ باحترامٍ، وهيَ كذلكَ فوْهةُ بُركانٍ تصهرُ مَن أرادَ غزوَها واحتلالَها والتنمُّرَ على إنسانِها وتضاريسِها وتاريخِها وهُويَّتِها.

الخُلاصة:

علينا التعلُّمُ من دُروسِ التاريخ بأنَّ جميعَ الغُزاةِ – الذينَ غزوا أوطانَ غيرِهم – راحلونَ مُنهزِمُونَ لا محالةَ، وأنَّ العُملاءَ والمُرتزقةَ من أهلِ الأرضِ الذينَ يخدمونَ المُحتلَّ ما هُم سوى مذمومينَ ومُحتقرينَ وساقطينَ في نظرِ أهلِهم وذويهم وشُعوبِهم، وأنَّ الحُريَّةَ والأخلاقَ والقيمَ هيَ المكسبُ الوحيدُ الذي تتغنَّى بهِ الأممُ والشُّعوبُ والأقوامُ في طُولِ الزَّمانِ وعرضِه.

إنَّ الآراءَ المذكورةَ في هذه المقالةِ لا تعبِّرُ بالضَّرورةِ عن رأي يمن أنباء، وإنَّما تعبِّرُ عن رأي صاحبِها حصراً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى