القاضي الشيباني : حدود ولاية قاضي الامور المستعجلة خلال الاجازات القضائية
القاضي الشيباني : حدود ولاية قاضي الامور المستعجلة خلال الاجازات القضائية
القاضي مازن امين الشيباني
من الاشكالات الكبيرة التي نعاني منها في النظام القضائي اليمني عدم وجود قاضي امور مستعجلة متخصص في كل محكمة
وماهو حاصل ان الدعوى المستعجلة قد ينظرها رئيس المحكمة او القاضي المختص اذا قدمت بطلب عارض تبعا لدعوى موضوعية او القاضي المناوب خلال الاجازة القضائية.. وهؤلاء القضاة هم قضاة مؤهلين للنظر والفصل في القضايا العادية اصلا ولا يوجد تاهيل حقيقي لقاضي امور مستعجلة متخصص
لذلك كان من الطبيعي ان يجد القاضي نفسه حين تعرض عليه دعوى مستعجلة يجد نفسه رويدا رويدا يخوض في الموضوع دون ان يشعر، ويستمر بعقد جلسات عدة اشهر في دعوى مستعجلة دون ان يدرك خطورة ذلك باعتبار ان الدعوى المستعجلة هي وسيلة لطلب حماية عاجلة وملحة وآنية لا تحتمل تأخير لايام فكيف لاسابيع واشهر؟؟
وهنا ولاننا في اجازة قضائية وهناك قضاة مناوبون في المحاكم الابتدائية للقضايا المستعجلة
وشعب استئنافية مناوبة كذلك رأيت ان اقدم هذا المقال الذي يبحث عن حدود ولاية القاضي المناوب خلال الاجازة القضائية وعن حدود ولاية الشعب الاستئنافية المناوبة كذلك
ولكي تفهمون اهمية المقال اطرح السؤال التالي:-
👈🏼ما مصير الدعاوى المستعجلة التي كانت منظورة قبل الاجازة القضائية ثم حلت الاجازة القضائية قبل ان يتم الفصل فيها، هل تحال للقاضي المناوب للفصل فيها؟ ام تؤجل الى بعد الاجازة القضائية ام يجب الفصل فيها قبل حلول الاجازة؟
👈🏼من جهة ثانية، ما هي حدود ولاية الشعب الاستئنافية المناوبة خلال الاجازة القضائية؟
هل يقتصر اختصاصها على نظر الطعون التي ترفع امامها على الاحكام المستعجلة الصادرة خلال الاجازة؟
ام تنظر كذلك الطعون بالاحكام المستعجلة التي رفعت امام الاستئناف قبل الاجازة وحلت الاجازة دون ان يتم الفصل فيها؟
هذه التساؤلات مهمة وخطيرة لوجود خلط خطير في هذه المسألة لدى بعض الزملاء وهنا اقول ان حدود ولاية القاضي المناوب وكذا الشعبة الاستئنافية المناوبة ينظر لها من زاويتين اثنتين
1️⃣ الزاوية الاولى وهي ان اي دعوى مستعجلة انعقدت ولاية نظرها لقاض محدد او شعبة محددة وتم عقد جلسات فيها وحلت الاجازة قبل الفصل فيها لا يجوز ابدا احالتها الى القاضي المناوب ولا الى الشعبة المناوبة لأن المسألة هنا تتعلق بولاية القاضي الذي نظرها وعقد فيها جلسات وهذه الولاية ولاية اجبارية ليست مملوكة للقاضي يمنحها لمن اراد وولايته لا تنتهي الا باصداره لحكم في الدعوى المستعجلة او بقبول تنحيه او قبول طلب رده او وفاته، وبالتالي فاذا حلت الاجازة القضائية ولم يكن رافع الدعوى المستعجلة قد اثبت استحقاقه للحماية المستعجلة تعين الحكم بعدم قبول دعواه او رفضها، وبالنهاية هذا الحكم لا يمنعه من رفع دعوى مستعجلة جديدة ان اراد ذلك باعتباره حكم لهوحجية مؤقتة
فينظر هنا للمسالة اولا من زاوية انعقاد الولاية للقاضي الذي احيلت اليه الدعوى ابتداء ونظر فيها وعقد بها عدة جلسات، في هذه الحالة تعتبر الولاية منعقدة لهذا القاضي او لتلك الشعبة بذاتها ولا يملك القاضي ولا الشعبة احالة القضية المستعجلة لمن يناوب خلال الاجازة لسببين رئيسيين
♦️الاول:- ان ولاية القاضي المناوب مقتصرة على نظر القضايا المستعجلة التي ترفع خلال الاجازة القضائية، دققوا في هذا الامر ((التي ترفع خلال الاجازة القضائية)) وهذا ما تؤكده تعاميم مجلس القضاء الاعلى«مع بعض التحفظ» ، بل وطبيعة الدعوى المستعجلة تفرض هذا الحكم،
♦️السبب الثاني:- ان القضايا المستعجلة التي سبق نظرها من قاض او من شعبة قبل الاجازة قد انعقدت فيها ولاية نظرها لهذا القاضي ولتلك الشعبة، ولا يملكون منح هذه الولاية لغيرهم لانها ولاية لا يمنحها ولا يقررها الا القانون ولا تزول او تنتقل الا بالطرق والاجراءات المحددة قانونا، وسبق لنا ان قلنا في مقال سابق انه لم يرد في القانون اي نص يجيز للقاضي ان يقرر احالة الملف لاي قاض اخر غيره بعد ان عقد فيها جلسات، الملف لا يخرج من القاضي بقرار احالة الى زميله الا باجراءات محددة
تنحي
رد
نقل
وفاة
2️⃣ الزاوية الثانية:-
ترتبط بطبيعة الدعوى المستعجلة ذاتها، الدعوى المستعجلة يفترض فيها ان لا تستغرق اكثر من اسبوع ((ونحن مبالغون في طول المدة هنا لانها يفترض ان تحسم خلال ساعات او يومين على الاكثر، لكن خلونا نبالغ ونقول اسبوع)) وهذا طبقا لنص المادة ٢٤٣ مرافعات التي قالت ان الحكم المستعجل يصدر خلال ٢٤ ساعة فقط من التاريخ المحدد لحضور المدعى عليه، ولذلك فان استغراق الدعوى المستعجلة اسبوعا يعتبر تاخير كبير
وتاخر الفصل فيها شهرا ينفي عنها طابع الاستعجال دفعة واحدة
الدعوى المستعجلة تعني ان المدعي مش قادر يروح البيت الا وقد حصل على حماية عاجلة لان هناك خطر يهدد مصلحة له سيصبح كارثة ان لم يصنع له حلا خلال ساعات او يوم على الاكثر
اما وقد تاخرت دعواه المستعجلة شهر فليمدد ابو حنيفة رجله ولا يبالي
كيف ولو تاخرت اربعة اشهر؟؟؟
فليتمدد ابو حنيفة على طوله
هنا تظهر مشكلة عدم وجود قضاء مستعجل متخصص
القاضي يسير باجراءات الدعوى المستعجلة باجراءات شبيهة للدعوى العادية ويدخل في الموضوع دون ان يشعر بذلك وتراه يفعل عشرين جلسة في الدعوى المستعجلة
❇️ ما هي حدود ولاية الشعبة الاستئنافية خلال الاجازة القضائية؟
هل يجوز للشعبة الاستئنافية المناوبة ان تنظر استئناف عن حكم مستعجل صدر قبل الاجازة القضائية؟
برأيي انه لا يجوز للشعبة الاستئنافية ان تنظر اي عريضة استئناف في حكم مستعجل صدر قبل الاجازة القضائية الا في الاحكام المستعجلة التي صدرت في اخر ثمانية ايام من الدوام الرسمي فقط
يعني حكم مستعجل صدر بتاريخ ٢٣ شعبان
او ٢٥ شعبان
او ٢٩ شعبان
يجوز رفع الاستئناف فيه امام الشعبة الاستئنافية المناوبة مباشرة
اما حكم صدر بتاريخ ١٥ شعبان
او ١٠ شعبان
او بداية شعبان
لا يجوز للشعبة الاستئنافية المناوبة ان تنظر فيه الاستئناف
لماذا؟!
لان المادة ٢٤٤ مرافعات حددت مدة الطعن بالاحكام المستعجلة امام محكمة الاستئناف بثمانية ايام فقط من تاريخ النطق بالحكم، واوجبت على محكمة الاستئناف الفصل في الاستئناف خلال ثمانية ايام على الاكثر
فاذا صدر حكم في ١٠ شعبان فتنتهي مدة استئنافه في ١٨ شعبان
فاذا رفع قبل هذا التاريخ فان الشعبة التي ستنظره هي الشعبة المختصة ايام الدوام الرسمي كون الدوام لا زال ساري
ويتعين على الشعبة هنا ان تفصل في هذا الاستئناف قبل حلول الاجازة القضائية
ومدة الثمانية ايام هي الحد الاقصى للمدة التي يجوز ان يستغرقها نظر استئناف الاحكام المستعجلة
ويحدث احيانا ان يصدر حكم مستعجل في ١٠ شعبان مثلا
ويقوم المحكوم عليه بتقديم عريضة استئنافه خلال المدة، وقطع سند الرسوم ثم يتم الاحتفاظ بعريضة الاستئناف في جيبه الى ان ينتهي الدوام الرسمي وتاتي الاجازة القضائية ثم يتقدم باستئنافه امام الشعبة المناوبة
هل يكون الاستئناف مقبولا؟
باعتقادي انه اذا كانت المدة التي تفصل بين تاريخ سند الرسوم وتاريخ اول جلسة امام الشعبة المناوبة اكثر من ثمانية ايام فان استئنافه لا يكون مقبولا،
لان مسالة الموعد هنا في وجوب الفصل في الاستئناف خلال مدة قصيرة محددة بثمانية ايام ليس موعد مقرر لمصلحة المستأنف نفسه بل هو موعد تم تحديده بثمانية ايام لان الدعوى مستعجلة وذات طابع مستعجل، فقد يكون المستانف هو المدعى عليه والمدعى عليه لم يتقدم بأي دعوى مستعجلة ليكون استئنافه مستعجل، ما يعني ان المدة هنا مقررة لطبيعة الدعوى ذاتها انها مستعجلة وليس مقرر لمصلحة الخصوم انفسهم،
والاستعجال يشترط فيه الفورية والاستمرار بمتابعة الاجراءات دون انقطاع او توقف، فاذا كان القانون اوجب على الشعبة الاستئنافية نفسها ان تفصل في الاستئناف خلال ثمانية ايام، الا ان المستأنف تراخى بنفسه وتجاوز هذه المدة ولم يعرض استئنافه على الشعبة حتى انقضت الثمانية الايام التي كان بالامكان حسم استئنافه خلالها فان تقديم استئنافه بعد هذه المدة يعتبر غير مقبول ولا عبرة بتاريخ سند الرسوم كونه قد تبعه تراخ من المستأنف في عرض استئنافه على الشعبة
اخيرا يجب النظر الى الجهة المقدم امامها الدعوى المستعجلة او الاستئناف في حكم مستعجل
من عريضة الدعوى نفسها
او عريضة الاستئناف نفسها
فاذا كانت الدعوى مدون عليها انها مقدمة امام رئيس المحكمة وقدمت خلال ايام الدوام الرسمي فكيف بعد ذلك تحال لقاض مناوب بدون تنحي او رد او قرار نقل؟
وكذا اذا كانت عريضة الاستئناف مدون عليها انها مقدمة امام الشعبة المدنية المختصة خلال ايام الدوام الرسمي، فكيف يتصور بعد ذلك ان يأتي الحكم بعد ذلك من شعبة مناوبة للامور المستعجلة
هذا لا يستقيم مع احكام الولاية القضائية وطبيعة الدعاوى المستعجلة
فاذا كانت عريضة الدعوى او الاستئناف مقدمة امام هيئة فيفترض ان الهيئة ذاتها المرفوعة امامها هي التي تنظر الدعوى او الاستئناف وتفصل فيه ولا يتصور ان يكون الحكم صادرا من هيئة اخرى مختلفة
كما انه لا يتفق مع طبيعة الدعوى المستعجلة التي يفترض ان تنظر باجراءات سريعة امام هيئة واحدة تنظرها وتحكم فيها، ولذلك فان تقديمها امام هيئة وصدور الحكم فيها من هيئة اخرى مختلفة يوحي بانه قد نظرتها هيئتين مختلفتين وهذا يتنافى مع طابع الاستعجال الذي لا يحتمل تنقل الدعوى بين هيئات مختلفة
اضف الى ذلك الاسباب الادارية المتعلقة بقيد الدعوى في السجلات، وكذا عريضة الاستئناف، فيتم قيدها بالسجلات برقم محدد واحالتها على الشعبة المختصة، ونقلها الى شعبة اخرى يعني الغاء القيد السابق وقيدها برقم جديد في سجلات المحكمة وسجل الشعبة المناوبة، وهذا يؤدي الى ارباك في اعمال القيد في السجلات اذا انه لا يعقل ان يحمل ملف الدعوى المستعجلة رقمين مختلفين لسجل نوعي واحد
هذا مانراه
والله تعالى اجل واعلم
دمتم برعاية الله
القاضي مازن امين الشيباني